ناقشت في كلية الآداب بجامعة القادسية رسالة ماجستير الموسومة بـ(المتخيل التاريخي في النثر الجاهلي), للطالب علي كامل عباس , على قاعة الملتقى .
تهدف الرسالة للوقوف عند مصطلح المتخيل التاريخي ومدى حضوره في المدونة الأدبية، وتوثيق النص النثري الجاهلي، وتلمس الفارق بين النص الأصلي التاريخي والنص الأدبي ، أي كيف تحولت النصوص التاريخية إلى أدبية بوساطة اللغة.
وبُنيت الرسالة على تمهيد وثلاثة فصول، جاء الفصل الأول(أنماط التوثيق التاريخي في النص النثري)، بمبحثين دَارَ الأول منهما حول (التوثيق العقائدي) وتضمن عبادات الطوطمية والفتيشية والمعتقدات الميثولوجية، وتوقف المبحث الآخر الذي هو (أيام العرب وأثرُها في النثر الجاهلي) على عدد من الأيام التي اقتضاها البحث، وكان الفصل الثاني (الأفق الحضاري وتوثيق الواقع )، الذي ضمَّ ثلاثةَ مباحث، بيَّن المبحث الأول منها (الهوية الثقافية وبعث الذات)، ودَرَسَ المبحث الثاني (انبعاث المكان وهيمنة الزمان)، وتناول المبحث الثالث (الألوان والأدوات) الشائعة في ذلك العصر , وعُنون الفصل الثالث بـ(أفق التعبير وتنازُع الحقائق)، وفيه مبحثان عُنون الأول بـ(التشكيل الصوري وتداعياته) متوقفاً عند فنون البيان الأكثر حضوراً في الفنون النثرية وهي (التشبيه والاستعارة والكناية)، وجاء المبحث الآخر(استيراتجيات التخييل وهيمنة الشعري)، لبيان كيفية تحول الواقع التاريخي إلى الأدبي باستعمال اللغة الأدبية.
وقد توصل البحث الى مجموعة من النتائج منها كشف البحث عن خلو معاجم المصطلحات جميعها في اللغات العربية، والإنجليزية، والفرنسية من (المُتخَيَّل)، وهذا يعني أنّه ليس من(المصطلحات)؛ ليتوجّب على المهتمّين بعلم المصطلح ذِكرَه، وبيان مفهومه. ولقد شاع- في السنوات الأخيرة- لفظ(المتخَيَّل) بوصفه (مصطلحًا) مقرونًا بحقول معرفيّة وإبداعية مختلفة، مثل(المتخيَل الاجتماعي، والتاريخي، والسردي، والشعري…الخ)، ووجدنا عنوانات لرسائل وأطاريح يتصدرها لفظ (المتخيَّل)، ولكنّ من يقرأ ما يندرج تحت هذه العنوانات يجد أنّها تتحدث عن (الخيال)؛ أي أنّ مفهوم الخيال صار للمتخيّل، بل إنّ عددًا من الباحثين يغيّرون عنوانات كتب مشهورة مترجمة إلى العربية من قبل عقود، فيجعلون كلمة(المتخيل) بدلاً من(الخيال) في الترجمات الجديدة، ويبقى مفهوم الخيال نفسه , و إنّ الباحث هنا لا ينفي( المتخيّل) لفظًا فصيحًا في العربيّة بصيغة(اسم المفعول) من الفعل(تخيَّل)، ولكنه يرفض عدَّه(مصطلحاً)، ويرى في استعماله بدلاً من الخيال- الذي لا خلاف في أنّه مصطلح له مفهومه الدقيق- نوعًا من(التدليس)- بغض النظر عن الأسباب التي قادت إليه- يؤدّي إلى مزيد من فوضى المصطلحات المترجمة التي يشكو منها الباحثون والنقاد العرب منذ منتصف القرن الماضي , و لم تتطرّق البحوث والدراسات السابقة حتى الأكاديمية منها إلى تحقُّق ألوانٍ من (العبادة) مثل الفيتشية، والطوطميّة في نصوص النثر الجاهلي، وقد كشف هذا البحث عن نصوص تشير إلى ذلك. وفي السياق نفسه انتهى البحث إلى أنّ في تناقض الروايات حول(هبل)، وفي اختلاف الأمكنة والممالك التي جيء به إلى جزيرة العرب منها، ما يدعو إلى( الشك) في وجود هذا(الصنم)، فضلاً عن اتخاذه إلهًا.