ندوة تعريفية تحت عنوان ( الحماية الجنائية للمؤسسات الصحية ومنتسبيها)

 

اقامت كلية علوم الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات/ جامعة القادسية وعلى قاعة الخوارزمي وبحضور المحاضر الدكتور غانم عبد دهش من كلية القانون تحت عنوان ندوة توعية لكافة منتسبي الكلية وبحضور السيد عميد الكلية الاستاذ المساعد الدكتور هشام البيرماني والسادة معاوني العميد للشؤون العلمية والادارية لتوعية المواطنين وتثقيفهم والتحذير من ما تتعرض له المؤسسات الصحية والكوادر الطبية من اعتداء واغتيال وخسائر مادية ومعنوية والاثار السلبية التي تسببها تلك الظواهر على المجتمع كله وكيفية الحد منها….التعريف بالحماية الجنائية…هي….

 (مجموعة القواعد الموضوعية والإجرائية التي يحددها المشرع الجنائي لدرء الأعمال غير المشروعة التي تنال من المصلحة المحمية بما يقرره من عقوبات رادعة).

وتأسيسا على ما تقدم تناول المحاضر في كلية القانون/ الدكتور. غانم عبد دهش/ دراسة الموضوع بضمن ثلاثة محاور وكالاتي:-

 المحور الاول :- وقد خصصه لدراسة الحماية الجنائية للمؤسسات الصحية

انطلقنا في هذا المحور من فلسفة الدولة العراقية في اضفاء الحماية الدستورية لممتلكات الدولة وللمال العام وهي بطبيعتها اسمى وارفع من حماية المشرع الجنائي اذ نصت المادة (27) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 على ان ” اولاً :ـ للأموال العامة حُرمة، وحمايتها واجِب على كل مواطن”.

        وعلى هدى ما سبق نجد بان المشرع الجنائي تناول بالتنظيم احكام الحماية الجنائية لمؤسسات الدولة الصحية بموجب احكام المادة(353 /2) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل ومن تحليل نص المادة المتقدمة يتبين بان :-

1-      المشرع جرم جملة من الافعال تتمثل بالهدم , التخريب , الاتلاف والاضرار , التعطيل , وجعل المواد غير صالحة للاستعمال .

2-      ان محل الجريمة هو المنشآت الطبية الثابتة او الوحدات الصحية المتنقلة او المواد او الادوات الموجودة فيها.

3-      ان المشرع جعل هذه الجريمة من نوع الجنايات وجعل عقوبتها السجن مدة لاتزيد على سبع سنوات او الحبس .

اما اذا تعرضت هذه المنشئات الى الحرق عمدا فان العقوبة تكون السجن المؤبد او المؤقت بموجب احكام المادة (342/2/ ز) من قانون العقوبات العراقي .وتشدد العقوبة الى الاعدام اذا افضى الفعل الى موت احد الاشخاص ف(4) من المادة ذاتها.

المحور الثاني:- الحماية الجنائية للعاملين في المؤسسات الطبية

        ان العاملين في مؤسسات الدولة من حيث الاصل ينقسمون الى طائفتين فاما ان يكونوا موظفين , او ان يكونوا مكلفين بخدمة عامة مما يقتظي معه تبيان المعنى التشريعي للمصطلحين وعلى النحو الاتي :- 

      فقد عرف قانون العقوبات العقوبات العراقي المكلف بخدمة عامة في م (19 /2 ) بأنه (كل موظف او مستخدم او عامل انيطت به مهمة عامة في خدمة الحكومة ودوائرها الرسمية وشبه الرسمية والمصالح التابعة لها او الموضوعة تحت رقابتها ويشمل ذلك … ولا يحول دون تطبيق احكام هذا القانون بحق المكلف بخدمة عامة انتهاء وظيفته او خدمته او عمله متى وقع الفعل الاجرامي اثناء توافر صفة من الصفات المبينة في هذه الفقرة فيه ) ومما تقدم يتضح ان للموظف العام في القانون الجنائي مدلولاً اوسع منه في القانون الاداري فقد توسع القانون الجنائي كثيرا في مدلول الموظف العام ليشمل جميع الاشخاص الذين يباشرون طبقا للقانون جزءا من اختصاصات الدولة بحسب المصلحة المراد حمايتها في سبيل تحقيق غايات المشرع الجنائي.

     وعلى اية حال فان منتسبي المؤسسات الطبية شأنهم في ذلك شأن منتسبي بقية تشكيلات الدولة يتمتعون بالحماية الجنائية المقررة بمقتضى احكام قانون العقوبات العراقي , ومن ثم فأن جريمة الاعتداء عليهم ما هي إلا جريمة تقع على الوظيفة العامة وأن وقعت على شخص الموظف العام , وذلك لتجسيد الوظيفة العامة بشخص الموظف.

       الأمر الذي حدى بالمشرع العراقي إلى التأكيد على حماية الوظيفة العامة من الأعتداءات التي تعرقل مسارها وتؤدي إلى اضطراب المرافق العامة بما فيها مرفق الصحة ، ومن ثم النظام العام عن طريق حماية الفئة التي تقوم بأعبائها ، وقد جرم قانون العقوبات العراقي في الباب الثالث- الفصل الثاني- من الكتاب الثاني منه الاعتداء على الموظفين وغيرهم من المكلفين بخدمة عامة وعدها من الجرائم الواقعة على السلطة العامة في المواد (229- 232) ، من قانون العقوبات وهي نصوص شاملة لكل الاعتداءات التي تقع على الموظف أو المكلف بخدمة عامة في اثناء تادية واجباتهم او بسببها.

        وبالرجوع الى نصوص المواد اعلاه نجدها تقرر الاتي :-

تنص المادة (229) على ان ” يعاقب بالحبس مدة لاتزيد على سنتين او بالغرامة لاتزيد على مائتي دينار كل من اهان اوهدد موظف او اي شخص مكلف بخدمه عامة او مجلسا او هيئة رسمية اثناء تأدية واجباتهم او بسبب ذلك ….”.

اما المادة(230) منه فقد قضت بان ” يعاقب بالحبس مدة لاتزيد على ثلاث سنوات او بغرامة لاتزيد عن ثلاث مئة دينار كل من اعتدى على موظف او اي شخض مكلف بخدمة عامة او مجلس او هيئة رسمية اثناء تأدية واجباتهم او بسبب ذلك…”.

اما المادة(231) منه فقد افصحت عن الاتي ” يعاقب بالحبس مدة لاتزيد على ثلاث سنوات و بالغرامة او باحدى هاتين العقوبتين من منع قصدا موظف او اي شخض مكلف بخدمة عامة عن القيام بواجباته”.

        وفي جميع الاحوال السابقة يعد ضرفا مشددا اذا كان اذا ارتكبت الجريمة مع سبق الاصرار والترصد , او ارتكبت من خمسة اشخاص فاكثر , او كان مرتكبها يحمل سلاحا ظاهرا بحسب ما جاءت به احكام المادة(232) من قانون العقوبات.

المحور الثالث : الحماية الجنائية لمنتسبي المؤسسات الصحية من الاطباء

       الحماية الجنائية للأطباء تعني( تجريم كل الاعتداءات التي تستهدف الاطباء وتؤدي إلى النيل من حياتهم أو سلامتهم الجسدية أو شرفهم وتحديد العقوبة المناسبة لها، سواء وردت تلك النصوص في قانون العقوبات أم في قانون آخر، موضوعية كانت أم إجرائية).

        أن أهمية العمل الطبي تنبع من أهمية المصلحة المراد تحقيقها من هذا العمل، فعلم الطب من عظيم الفائدة التي لا يمكن الاستغناء عنها ما دام الإنسان على وجه البسيطة، ومن هنا يأتي دور النظام القانوني لحماية الفئة التي تمارس العمل الطبي وذلك من خلال تجريم الأفعال التي تقع على الأطباء في أثناء أداءهم لواجباتهم أو بسببها، وهذا ما يمكن ملاحظته في نصوص قانون العقوبات العراقي المواد د (229-232) ، ويبدو ذلك ايضاً من خلال نص المادة الأولى من قانون حماية الأطباء العراقي رقم (26) لسنة 2013التي نصت على ( أولاً- حماية الأطباء من الاعتداءات والمطالبات العشائرية والابتزاز عن نتائج أعمالهم الطبية، ثانياً- تشجيع الأطباء المهاجرين على العودة إلى الوطن) والأسباب الموجبة للقانون نفسه والذي جاء فيها ( لغرض حماية الأطباء من الاعتداءات والمطالبات العشائرية وغير القانونية عن نتائج عملهم وتشجيع الأطباء المهاجرين خارج العراق للعودة إلى أرض الوطن ومنحهم الامتيازات الكفيلة بعودتهم).

          اما بشأن النطاق الشخصي للحماية الجنائية للاطباء فقد حدده المشرع بنص المادة الثانية من قانون حماية الأطباء والتي صرحت بأن(تسري أحكام هذا القانون على الأطباء العاملين في المؤسسات الصحية الحكومية وغير الحكومية) ومن النص يتضح ان النطاق الشخصي لسريان أحكام هذا القانون يقتصر على هذه الشريحة من أبناء المجتمع (الأطباء سواء كانوا من الأطباء الأخصائيون أو أطباء الأسنان وكذلك الأطباء البيطريين) ، فهو شامل لكل من حصل على شهادة البكالوريوس في كلية الطب والتي تؤهله لممارسة مهنته كطبيب وبغض النظر عن جنسية هذا الأخير عراقياً ذا جنسية أصلية أم مجنساً وحتى ولو كان عربياً أو اجنبياً مادام يعمل ضمن الملاكات الطبية العراقية بصفة رسمية .

          وبذلك فإن نص المادة الثانية من قانون حماية الأطباء تقصر النطاق الشخصي للقانون على الأطباء (سواء كانوا من العاملين في المؤسسات الحكومية أو غير الحكومية دون أصحاب المهن الطبية الأخرى (الصيدلي، الممرض، مساعد المختبر، المضمد، فاحص البصر….الخ) .

التوصيات :

1 –  توسيع نطاق الحماية الجنائية المقررة للموظف العام عموما والطبيب خصوصا, بتعديل نص المادة (230) من قانون العقوبات لتقرأ على النحو الأتي: ( يعاقب …  كل من اعتدى على موظف أو اي مكلف بخدمة عامة  … إثناء تأدية واجباتهم أو بسبب ذلك … أو قاومهم إثناء تأدية واجباتهم, وتكون العقوبة … إذا حصل مع الاعتداء و المقاومة جرح أو أذى ) .

2 – تعديل قانون حماية الأطباء وتوسيع النطاق الشخصي للحماية ليكون شاملا لذوي المهن الطبية الأخرى  اذ لربما يترتب على نتائج العمل الطبي لهذه الفئة اثار لاتقل خطورة عن تلك المترتبة على عمل الاطباء وان كان الطبيب هو المستهدف بالدرجة الاساس.

3 – ندعو المشرع الى الالتفات لمسألة تعويض المرضى المتضررين نتيجة الاخطاء الطبية بل وحتى بالنسبة للأضرار الناجمة عن الاعمال الطبية بلا اخطاء من جانب الكادر الطبي، فالحماية القانونية الاكيدة والدقيقة للأطباء من المطالبات العشائرية غير القانونية تكمن في تبني نظاماً خاصاً للتعويض عن الاضرار الطبية من لدن المشرع ، فعندما يشعر المريض المتضرر ان الدولة سوف لا تتجاهل حقوقه بل انها تجري تحقيقاً محايداً للكشف عن وجود الخطأ الطبي من عدمه ومن ثم تقرير التعويض العادل له سوف يبتعد عن تلك المطالبات غير القانونية.

وفي نهاية الاجتماع تقدم السيد المحاضر الدكتور غانم عبد دهش من كلية القانون. بالشكر والامتنان الى عمادة الكلية وكافة موظفيها  لحضورهم هذا  متمنيا لهم الموفقية  في عملهم والحرص الشديد الذي لمسه من كادر الكلية من ادارة وافراد فالمسؤولية ملقاة على عاتق كل واحد منا فالموظف يقع علية الجزء الاكبر من المسؤولية

121212 13162443_1689858457955368_688728781_n