جامعة القادسية تعقد الحلقة النقاشية بعنوان (مشروع قانون التأمينات الاجتماعية في الميزان) .

 عقد قسم القانون الخاص/ كلية القانون / جامعة القادسية الحلقة النقاشية بعنوان (مشروع قانون التأمينات الاجتماعية في الميزان) .

اهداف الحلقة :.

هذا القانون بشكل عام قانون سياسي بامتياز يفتقر الى الرؤيا العلمية ويخالف ابسط قواعد العدالة، وفي حال تطبيقه فسوف يلحق اضرارا جسيمة بالموظف العام والعمال وأصحاب العمل البسطاء، اجحاف هذا المشروع سيطال القطاع الخاص ويكبله بروتين جديد اما هيئة التقاعد، وكذلك فانه سوف يضر ضررا بالغا بأهم مرفق لصناعة الموارد البشرية المؤهلة علميا، الا وهو التعليم العالي وسيربك العملية البحثية والعلمية في العراق بشكل عام.

هذا القانون يختلف جذريا عن القوانين العالمية المماثلة، وفيه تجاهل واضح لأسس المساواة التي نص عليها الدستور وكذلك فانه يتجاهل المنظومة التشريعية القائمة من القوانين الأخرى الرائدة والعتيدة في مسالة تنظيم استحقاقات الموظفين العموميين التقاعدية حيث اغفل وبشكل متعمد دور الشهادة وقلل من الدرجة الوظيفية للموظف المستحقة للموظف والذي افنى سنوات عمره كي يصل اليها عند احتسابه لمعدل الراتب التقاعدي وهذا ظلم واجحاف للمكلف بالوظيفة العامة.

التوصيات :.

1- المادة 123/ أولا/ي من مشروع قانون التأمينات الاجتماعية تخالف مضمون المادة 34 أولا وثالثا من دستور جمهورية العراق لعام 2005 والتي نصت على ان التعليم هو العامل الاساس لتقدّم المجتمع، وتلتزم الدولة بتشجع البحث العلمي، ورعاية التفوق والابداع والابتكار ومختلف مظاهر النبوغ ولاشك ان الأستاذ الجامعي هو المعول عليه لتحقيق الأهداف أعلاه. وفي حال إقرار مشروع القانون فان الشرائح المعول عليها لتحقيق الأهداف أعلاه سيكون همها توفير فقط سبل العيش الكريمه في ضل مصاعب الحياة المادية بدلا من التفرغ للبحث العلمي والابداع مضمون المادة الدستورية أعلاه. وحيث ان المادة 34 المشار اليها أعلاه كانت قد وردت في الدستور في الباب الثاني/ الحقوق والحريات-من الفرع الثاني/ الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وهذه الحقوق لا يجوز سن قانون يتعارض معها وفقا لحكم المادة 2/ج من الدستور والتي هي ضمن باب المبادئ الأساسية للدستور حيث نصت على (لا يجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الاساسية الواردة في هذا الدستور). وبالتالي فان المادة 123/أولا/ي من مشروع قانون التأمينات الاجتماعية غير دستورية ولايجوز تشريعها لانها تصطدم من حيث الموضوع مع الحقوق الأساسية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الواردة في الدستور وبالتحديد في المادة 34 أولا وثالثا.

2- المادة 123/أولا/ي من مشروع قانون التأمينات الاجتماعية تخالف قانون الخدمة الجامعية رقم 23 لسنة 2008 المعدل، حيث ان الأخير بني في ضل عملية تشريعية متكاملة قائمة على التوازن بين الحقوق والواجبات، فلقد الزم قانون الخدمة الجامعية رقم  23 لسنة 2008 المعدل التدريسيين بمجموعة كبيرة من الالتزامات العلمية والإدارية والبحثية. وبالمقابل منحهم مجموعة من الحقوق ومن ضمنها الحقوق التقاعدية. وعليه فان إيقاف العمل بالنصوص القانونية المتضمنة للحقوق والإبقاء على النصوص القانونية التي تفرض الالتزامات يعد اخلالا صريحا ومخالفة لأبسط قواعد القانون وروح التشريع والعدالة. هذا مع الاخذ بنظر الاعتبار ان العديد من الحقوق المادية الواردة في قانون الخدمة الجامعية رقم 23 لسنة 2008 المعدل قد توقفت فعلا، ومنها صرف أجور المحاضرات للدراسات الأولية والعليا  وكذلك أجور الاشراف على طلبة الدراسات العليا (المادة 7/اولا) ، و لم تصرف كذلك المكافأة المالية المقطوعة وقدرها (4000000) اربعة ملايين دينار بالرغم من تحقق شروط منحها وقيام التدريسسين بالنشر في المجلات العالمية ذوات عامل الرصانة Impact Factor (المادة 11/سادسا) ، وكذلك لم تدفع الوزارة أو المؤسسة التعليمية تكاليف العلاج لموظف الخدمة الجامعية خارج العراق مع تعذر المعالجة داخل العراق بناء على تقرير صادر من لجنة طبية رسمية مختصة (المادة 8). ومع كل الحقوق المتوقف العمل بها من الناحية الفعلية يتجه مشروع قانون التأمينات الاجتماعية نحو الغاء الحقوق التقاعدية الواردة في المادة رقم 3 من قانون التعديل الثاني (رقم 1 لسنة 2014) لقانون الخدمة الجامعية رقم 23 لسنة 2008 والذي ينص (يستحـق موظف الخدمة الجامعية أو عيالـه راتبا تقاعديـا ما يعادل 80% (ثمانون من المئة) من الراتب الاسمي ومخصصات الخدمة الجامعية والشهادة واللقب العلمي عند إحالته إلى التقاعد). وبالتالي فان استمرار عدم منح الحقوق المادية المشار اليها أعلاه وإقرار المادة 123/أولا/ي من مشروع قانون التأمينات الاجتماعية يعد تفرغيا لقانون الخدمة الجامعية رقم  23 لسنة 2008 من محتواه.

 3- المادة 123/ أولا/ي من مشروع قانون التأمينات الاجتماعية تخالف قانون رعاية أصحاب الكفاءات رقم 154 لسنة 1974 الذي يهدف الى استقطاب الكفاءات العلمية وتوفير مجموعة من المزايا المادية والمعنوية للمحافظة على الهوية الإبداعية وتكريس كل الجهود للتفرغ للنشاطات العلمية. بالمقابل فان إقرار نص المادة 123/ أولا/ي من مشروع قانون التأمينات الاجتماعية سيؤدي الى هدر الإمكانات العلمية وكذلك تحييد تلك الكفاءات وعرقلة تواصلها مع  المجتمع الاكاديمي الداخلي او الخارجي وانشغال التدريسيين بمعالجة مصاعب الحياة الاقتصادية المتأتية من خفض راتبه التقاعد بشكل كبير الامر الذي ينذر بعودة ظاهرة هجرة العقول كما في زمن النظام البائد في ضل غياب الرؤيا الاستراتيجية في المحافظة على الكفاءات العلمية.

4- المادة 123/أولا/ي من مشروع قانون التأمينات الاجتماعية تخالف اهداف قانون وزارة التعليم العالي والبحث العلمي رقم 40 لسنة 1988 المعدل والواردة في المادة 2 منه، اذ يهدف القانون إلى احداث تغييرات كمية ونوعية في الحركة العلمية والتقنية والثقافية وتوجيه العمل البحثي بما يحقق التفاعل المستمر بين الفكر والممارسة باتجاه تحقيق الاصالة والرصانة العلمية والتفاعل مع التجارب والخبرات الانسانية وصولا إلى بناء اجيال جديدة متسلحة بالعلم والمعرفة ومتشربة بالمبادئ والقيم السامية. ويعد أساتذة الجامعات عصب العملية التعليمية، والعامل الرئيس الذي يتوقف عليه نجاح التعليم في بلوغ غاياته وتحقيق مبتغاه في التقدم الاجتماعي والاقتصادي. الا ان تهميش هذه الشريحة وسلب حقوقها المالية او التقليل منها اثناء الخدمة او بعدها يعد مسالة خطيرة ويشكل هدرا للطاقات العلمية والتقنية والثقافية القادرة على الإبداع والابتكار، وخسارة للقيم والمواهب والخبرة والدراية المعرفية ،فضلاً عن خسارة المهارات اللازمة لإعداد جيل واعٍ قادر على بناء مجتمع عصري.