تُعد المكتبات المركزية في الجامعات من المؤسسات الجامعية المؤثرة في عملية تقييم وتقويم الجامعات، لا سيما في ظل التطور التكنولوجي والعلمي الذي يشهده العالم، وهذا الامر جعل من المكتبات المركزية ولا سيما في الجامعات العراقية امام تحديات كثيرة تتمثل في مواكبة هذا التطور العلمي وقدرتها على توفير مستلزمات نهوضها المكتبي والمعرفي وذلك عن طريق الكتب والمصادر الحديثة وتصنيفها وفهرستها، واستعمال الاجهزة الحديثة، والنشاطات الثقافية المتنوعة.
وقد كانت الجامعات العراقية ومكتباتها المركزية وما زالت رائدة البحث العلمي، فمن ابوابها وقاعاتها، ومن بين مصادرها وكتبها انطلقت عجلة البحث العلمي والمعرفي والاكتشافات والاختراعات، فضلاً على هذا فالمكتبات الجامعية المركزية تعمل على توفير كل ما هو جديد من الكتب والرسائل والاطاريح الجامعية والدوريات العربية والاجنبية.
فالمكتبة المركزية هي مؤسسة ثقافية وتثقيفية وتربوية وعلمية تعمل على خدمة مجتمع الطلبة والأساتذة والباحثين المنتسبين إلى هذه الجامعة وكلياتها، وذلك بتزويدهم بالمعلومات التي يحتاجونها في دراستهم وأبحاثهم، من الكتب والدوريات والمراجع وأوعية المعلومات الأخرى بعد تنظيمها وتصنيفها وفهرستها تسهيلاً للوصول إلى المعلومة المطلوبة، كما إنها جزء أساسي لا يتجزأ ولا يمكن الاستغناء عنه من المؤسسة العلمية التابعة لها، ويمكننا القول بأن الجامعة هي أستاذ وطالب ومكتبة، فبينما يعمل الأستاذ على نشر العلم والمعرفة يقف الطالب في محراب الجامعة يتلقى العلم، وتقف المكتبة من ورائهما تعمل جاهدة على توفير مصادر العلم والمعرفة لكل منهما
وتعد المكتبة المركزية في جامعة القادسية من ركائز العملية التعليمية في الجامعة، وقد تم انشاؤها في عام 1993م، وتتصل اتصالاً مباشراً برئاسة الجامعة، وهي تضم فضلاً عن القسم الاداري قاعات للمطالعة والاعارة العربية والاجنبية والمراجع والرسائل والاطاريح الجامعية والدوريات والنظم الآلية والانترنيت، وكان للاهتمام الكبير والدعم القوي من قبل رئيس الجامعة الاستاذ الدكتور احسان كاظم شريف القرشي بتطوير البنى التحتية للمكتبة وتجهيزها وتأثيثها والاشتراك بالمكتبة الافتراضية داخل وخارج القطر الدور البالغ في دفع مسيرة المكتبة الى الامام لتحقيق اهداف الجامعة للارتقاء بمستوى الاداء والجودة العالية.
ويطيب لنا ان نقدم صورة موجزة عن اهمية المكتبات المركزية في الجامعات العراقية واهدافها ووظائفها والمكتبة الالكترونية.
1- أهمية المكتبة المركزية :
تُعد المكتبات المركزية في الجامعات من اهم الادوات التي يمكن الاستعانة بها في نشر الثقافة بين المجتمع الجامعي من طلاب وموظفين واساتذة فضلاً على المواطنين، وتعمل على ديمومة الاتصال بمصادر الفكر والثقافة والاحاطة بمجالات العلم والمعرفة المختلفة، ومعرفة التاريخ والتراث القديم لاجدادهم والاحداث العالمية المختلفة وغيرها من نواحي المعرفة التي تساعد على تقوية الحياة العقلية ونموها. وخلق المعرفة الجديدة ونقل العلم والمعرفة وثقافة الحاضر والماضي للاجيال.
وتتمثل أهمية المكتبات الجامعية في:
1- تشجيع البحث العلمي ودعمه بين الطلبة وأعضاء هيئة التدريس.
2- تشجيع النشر العلمي (بحوث ودراسات وكتب وغيرها).
3- المساهمة في البناء الفكري للمجتمع.
4- حماية التراث والفكر الإنساني والحفاظ عليه وإتاحته للاستعمال.
5- تعليم وإعداد كوادر بشرية متخصصة.
2- أهداف المكتبة المركزية:
للمكتبة المركزية اهداف تنبع من اهداف الجامعة والسياسة التعليمية فيها، وتهدف الى إطلاع العاملين والباحثين والدارسين في كليات الجامعة وأقسامها المختلفة على أحدث الاتجاهات العلمية في مجال تخصصاتهم وذلك بتوفير مصادر المعلومات على اختلاف أنواعها وأشكالها، وتنظيمها ومعالجتها فنياً وإلكترونياً حتى يسهل استرجاعها والإعلام عنها بيسر وسهولة.
ومن أهم هذه الأهداف:
1- الارتقاء بالواقع العلمي والبحثي في المجتمع الجامعي الى مستوى راقٍ.
2- ديمومة الاتصال بالمجتمع وتعزيز روابط التعاون بين النشاط العلمي في الجامعة وتنمية المجتمع.
3- توفير المصادر والمعلومات للباحثين.
4- تنظيم مصادر المعلومات من خلال القيام بعمليات الفهرسة والتصنيف والببليوغرافيا.
5- تقديم الخدمة المكتبية والمعلوماتية المختلفة للمستفيدين مثل الإعارة والدوريات والمراجع …الخ .
6- العمل على زيادة خبرات الافراد، وإتاحة الفرص المتكافئة لجميع الافراد للتعلم.
7- التواصل العلمي مع المكتبات الجامعية والمراكز العلمية الاخرى.
3- وظائف المكتبة المركزية:
تضطلع المكتبة المركزية في الجامعة بوظائف عدة، منها الحصول على المعلومات سواء كانت تقليدية كالكتب والدوريات او غير تقليدية كالاقراص، ثم القيام بمعالجة هذه المعلومات ووصفها وتصنيفها، ثم خدمة الاستعارة والارجاع لهذه المعلومات.
ومن اهم هذه الوظائف:
1- توفير المقتنيات والمصادر الضرورية لروادها من الباحثين والطلبة .
2- القيام بالإجراءات الفنية الأوعية المكتبية من تسجيل وتصنيف وفهرسة.
3- إعداد قوائم منظمة بمحتويات المكتبة وبأشكال مختلفة لتسهيل عملية الإعارة.
4- القيام بمعارض وندوات قصد التعريف بمحتويات المكتبة وكيفية التعامل والوصول إلى مقتنياتها.
5- القيام بجرد وحفظ مقتنيات المكتبة من الأضرار البيئية والبشرية.
6- تسهيل ومساعدة الباحثين والطلبة للحصول على المعلومات بأقصر وقت واقل جهد.
7- إصدار ببليوغرافيات ومنشورات خاصة بالمكتبة بغرض التعريف بها وتنشيط الحركة العلمية .
8- مسايرة التطور التكنولوجي في التعاطي مع المعلومات التقليدية والحديثة.
9- تأمين خدمة الإعارة والتبادل بين المكتبات.
10- المكتبة المركزية والتكنولوجيا الحديثة:
من المعروف ان اختصاص المكتبات والمعلومات من الاختصاصات العلمية النادرة والمهمة، فمن خلاله يمكن تخزين واسترجاع وتوظيف مختلف بنوك المعلومات. ونحن نعيش اليوم تحولات دقيقة وسريعة وخطيرة، إذ أصبح عدم مواكبة هذه التحولات المعرفية والمعلوماتية واللحاق بها يعني التخلف والانفصال عن العالم المعاصر، وعن مجتمع المعلومات الذي بدأ يسود وينتشر في مختلف أرجاء العالم.
ومن اهم الاسباب التي دفعت المكتبات الجامعية إلى استعمال تكنولوجيا المعلومات هي:
1- الزيادة الهائلة في حجم الإنتاج الفكري.
2- تغير طبيعة المعلومات و الحاجة إليها نتيجة التقدم العلمي والاجتماعي والاقتصادي.
3-ظهور التخصصات وهو ما أدى إلى التركيز على نوع المعلومات الحديثة أكثر من التركيز على التي تصدر في الكتب.
4-الرغبة في التنمية والتحديث دفع بكل مؤسسة أو مركز علمي إلى إنشاء مكتبته الخاصة وتزويدها بالأبحاث والمعلومات التي تساهم في تطوير إنتاجها.
5- التخفيف من أعباء الأعمال اليدوية الروتينية وتطوير إنتاجية العمل بأقل عدد من العاملين.
6- تطوير الخدمات المكتبية والمعلوماتية.
7- الاستفادة من خدمات بنوك المعلومات وقواعد بياناتها، والوصول إلى المعلومات واسترجاعها وبثها ونسخها بسهولة وسرعة.
8- توفير النفقات وتقديم خدمات أفضل بتكاليف أقل، والاستعاضة عن شراء أوعية المعلومات المرجعية التقليدية الغالية الثمن، كالموسوعات والدوريات والكشافات والمستخلصات بالأقراص الليزرية CD-ROM
9- إيجاد حل لمشكلة ضيق المكان، وهي المشكلة التي تعاني منها جميع المكتبات الضخمة، مهما كانت مساحتها كبيرة.
10- مواكبة تطور مجتمع المعلومات والثورة المعلوماتية والاستفادة من تكنولوجيا المعلومات في تطوير البحث العلمي.
يتضح مما تقدم أن استخدام تكنولوجيا المعلومات في المكتبات المركزية في الجامعات قد أصبح حاجة حيوية ملحة وضرورة أكيدة من حاجات وضرورات البحث العلمي والخدمة المكتبية والمعلوماتية الحديثة للدارسين والباحثين . وان مفهوم تكنولوجيا المعلومات يشتمل على تطبيق التكنولوجيا في تناول المعلومات من حيث إنتاجها وحيازتها وتخزينها ومعالجتها واسترجاعها وعرضها وتوزيعها بالطرق الآلية.
والمكتبة الإلكترونية التي أخذت بالانتشار الواسع في مختلف أنحاء العالم، باعتبارها وليدة عصر المعلومات ومجتمع المعلوماتية، هي نوع جديد كلياً من أنواع المكتبات، يقوم على التقانات الحديثة، ويعتمد الوثيقة الإلكترونية مدخلاً رئيساً في عمله، ويرتبط بعلاقات وثيقة بالعديد من المكتبات ومراكز المعلومات ودور النشر والمستفيدين – أفراداً ومؤسسات، عن طريق شبكات المعلومات المحلية أو الوطنية أو الإقليمية أو الدولية.
يتضح من خلال ما سبق والخدمات التي تقدمها المكتبات المركزية في الجامعات العراقية أهمية هذه المكتبات في دفع عجلة البحث العلمي، والعمل على تطوير الخدمات التي تقدمها مما يكون له أكبر الأثر في خدمة البحث العلمي في وطننا الحبيب العراق.
الأستاذ المساعد الدكتور
ستار عبد الحسن جبار الفتلاوي
أمين عام للمكتبة المركزية