بحثت اطروحة دكتوراه في كلية الآداب بجامعة القادسية والموسومة بـ (المقامات في العصر العثماني (المطبوعة) دراسة تداولية,  للطالبة جنان جاسم خضير   وبإشراف  الاستاذ الدكتور لمى عبد القادر خنياب , وعلى قاعة الملتقى  في الكلية.
 
ويمثل المنهج التداولي اتجاهاً جديداً فرض وجوده في الوقت الحالي في الدرس اللغوي الحديث للكشف عن افاق جديدة وحديثة في تناول اللغة ودراستها اثناء الاستعمال، فكان اختيار البحث على وفق هذا المنهج في واحدة من مدونات ادبنا العربي الا وهي فن المقامات مقتصرة على حقبة من حقبها وهي حقبة العصر العثماني .
 
وتناولت الاطروحة اربع فصول يسبقها تمهيد وتقتضيها خاتمة، فكان التمهيد في عرض مفاهيم البحث ومنطلقاته، وجاء الفصل الأول لدراسة الاشاريات في المقامات ووظائفها التداولية في المدونة محل الدراسة، امّا الفصل الثاني فجاء بعنوان (قواعد المتخاطب اللساني) ، اما الفصل الثالث فقد عرض فيه انجازية الأفعال الكلامية متخذة طريقين لرصد هذه الانجازية: الأفعال الكلامية المباشرة والتي صنفها بحسب تصنيف (سيرك)
والثاني: الأفعال الكلامية غير المباشرة وما حملته من قصود وغايات جنح المتكلمون الى تضمينها كلامهم، وخصصت الفصل الرابع وهو خاتمة فصول الدراسة لدراسة الحجاج في المدونة، فجعلته على مبحثين كان الأول في: (الاليات البلاغية الحجاجية)، وتكفل الثاني بالأليات اللغوية الحجاجية)، هذا وقد سبقت كلّ فصلٍ من فصول الاطروحة الأربعة بتقديم توطئةٍ لها صلتها بالموضوع المراد الشروع بدراسته.
 
وقد توصلت  الباحثة الى عدد من النتائج منها بالرغم من قيام المقامة على أصول فنية وتقاليد أدبية منذ أنأرساها مبتدعها الهمذاني والتي بلغت ذروتها عند الحريري لكنّها تجاوزت تلك الأصول في العصور اللاحقة ولاسيّما في العصر العثماني، اذ لم تعد ذلك الفن الذي يجب ان يلتزم بالكدية والتسول والاحتيال، بل جاءت لتعبر عن احداث العصر والفتن والحروب ولتظهر هموم المجتمع والكتاب فضلًاعن معالجة مواضيع واقعية حية منتزعة من الحياة والعصر الذي عاش فيه الاديب , ومثلت المقامات حيزًا التقت فيه الشعرية القائمة على التخييل واثارة اندهاش القارئ بالصور والأساليب البلاغية مع الخطابية القائمة على الاقناع وحمل الأفكار والمحاجة فيها، فكانت مثالًا بارزًا على تداخل الشعرية بالخطابية وتقاطعهما في منطقة المحتمل، الاحتمال توهيمًا في الشعري، والاحتمال ترجيحًا في الخطابي , وأظهر البحث مدى فاعلية المنهج التداولي في دراسة فن المقامات، وهذا دليل واضح على ملاءمة مدونات تراثنا العربي في تحليلها على وفق هذا المنهج الحديث، ولا سيّما تلك التي تتضمن سجالات حوارية ومناظرات جدلية بين طرفين او أكثر , وبين التحليل التداولي أهمية النظر الى النص الادبي بوصفه فعلًا تواصليًا، ما يسهم في تحرر القراءة من سلطة النص المطلقة ويخلق حوارًا بين الذات المنشئة والذات القارئة ويخلص النصوص من بوتقة الدراسة المحايثة التي سجنته داخلها المناهج البنيوية ويتيح للقارئ استغلال قدراته الاستدلالية ومعارفه الموسوعية وبذلك يحتل القارئ مكانة ويَمثل في خطاب المؤلف.