الخلاصة

تعد جريمة تجويع المدنيين من أكثر الجرائم وقعا من ناحية الخطورة على حياة المدنيين سواء في حال النزاعات المسلحة الدولية او غير الدولية كونها تمس حقا من اهم حقوق الانسان الأساسية، الا وهو حقه في الغذاء إذ اصبحت المجاعة التي يتعرض لها السكان المدنيون تمس شريحة واسعة من المدنيين وفي مختلف مناطق النزاع ومنذ وقت طويل وحتى اليوم وعلى وجه الخصوص في البلدان العربية التي تعاني من النزاعات المسلحة ووجود الارهابيين كداعش على سبيل المثال وهو ما عليه الحال في العراق وسوريا وليبيا ، إذ كثيرا ما يعمد الطرف المعتدي الى تجويع المدنيين لتحقيق غاية ما ، كان يمارس التجويع كأسلوب من اساليب الحرب ، او لاتخاذ من تجويع المدنيين وسيلة لدفعهم للضغط على حكوماتهم للاستسلام او ان تجويعهم يحدث بصورة عرضية نتيجة فرض الحصار وقطع الامدادات على المقاتلين مما يدفع بالمقاتلين الى الاستيلاء على اغذية المدنيين لتأمين الامدادات الغذائية للمقاتلين او لكون المدنيين يتواجدون في المنطقة نفسها التي تتقوقع فيها القوات العسكرية المحاصرة مما يتعدى التجويع بآثاره الى المدنيين بحكم الواقع .

وفي الوقت نفسه أن منع وصول الغوث الى السكان المدنيين أو تدمير الأعيان المدنية كالمزارع وشبكات الري ، أو حتى تطبيق سياسة الأرض المحروقة وسيلة دفاعية ضد العدو تؤدي في الواقع الى حدوث مآسي كبرى كانت ومازالت تلقي بتبعاتها على المدنيين مما سبب الفتك بالكثير منهم وعلى مر التأريخ .

إن التجويع قد يتخذ وسيلة لإبادة بعض المجاميع الاثنية والعرقية او الدينية ، فقد يقدر بعض الاطراف ان خير وسيلة للقضاء على فئة من السكان المدنيين بقصد الخلاص منهم هو ان يفرض عليهم سياسة تجويع تدفعهم بالأخير الى النزوح والتشرد إن لم تكن سببا فعالا في القضاء عليهم ، وان المجتمع الدولي قد واجه هذه الممارسات بكثير من الوثائق القانونية على نحو صريح في اتفاقيات جنيف والبروتوكولين الإضافيين الاول والثاني والذين أبرما عام 1977 ، وآخر الوثائق التي تعرضت للتجويع تمثلت بنظام روما الاساس للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 ، إيمانا من المجتمع الدولي  بحساسية هذه الجريمة ووقعها البالغ عليه ، وبالرغم من أن المجتمع الدولي قد حاول وضع الاطر القانونية التي تحافظ قدر الامكان على حق الانسان في الغذاء وتجريم تجويعه الا أن الملاحظ أن تلك المعالجات التشريعية قد انتابها الغموض في بعض جزيئاتها والقصور في البعض الاخر مما يستدعي من المشرع الدولي السعي حثيثا من أجل أيجاد السبل الكافية والكفيلة في ضمان عدم تجويع المدنيين وإيقاع اقصى درجات العقاب بحق من يلجأ الى ارتكاب مثل هذه الممارسات غير الانسانية بحق جمهور المدنيين .

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *