كلية التربية بجامعة القادسية تناقش اطروحة دكتوراه حول التخييل التاريخي في الرواية العربية


 

نوقشت في قسم اللغة العربية في كلية التربية بجامعة القادسية أطروحة دكتوراه بعنوان ( التخييل التاريخي في الرواية العربية ) للباحث محمد فاضل المشلب تحت اشراف الاستاذ الدكتور حمزة فاضل يوسف.

ناقشت الاطروحة التساؤل المفضي الى انه لو كان المؤرخ قد قال كلمته في واقعة ما أو شخصية أو دولة، فلماذا يعيدُ الروائي كتابةَ الموضوعات هذه؟ فهل كانت مدوَّنة المؤرخ ناقصةً في إحدى جوانبها.؟ أم ما قد كُتب ورُوِيَ هو غير ما قد حدثَ فعلاً.؟! أم يريدُ الروائي خوضَ لعبة سرديَّة بموازاة النصِّ التاريخي تبتغي تفكيكَ خطاب المؤرِّخ وإظهار عدم كفاءته بوصفه “عالماً” بل وحتَّى إظهاره غير نزيه، بعد أن يضع موشور التخييل على موضوعات من التاريخ. فعن طريق التخييل لا تكون العقبات كبيرة، بل تنهارُ كثيرة من دفاعاتِ المدوَّنة التاريخية المعتمدة على ماضويتها، والنظرةِ المُصطبغة بالقداسة بوصفها انتماءاً إلى زمن الأسلاف.
تسيرُ الأطروحة لهدفها بتقسيمها على فصول ثلاثة يسبقها تمهيد في مفاهيم عنوان الأطروحة الأساس وتشكّله، فتتبَّعنا مفردة التاريخ لغةً واصطلاحاً من خلال المعاجم المختصَّة، والدراسات الحديثة الَّتي أشارت لبعض من الاتجاهات الفلسفية الَّتي صبَّتْ اهتماماً واضحاً للتاريخ في رؤاها كما في الماركسيَّة، فضلاً عن مقولات كتَّاب النصف الثاني من القرن العشرين مثل الفرنسيان “ميشيل فوكو” و”بول ريكور” والأمريكي “هايدن وايت” وغيرهم.
يتضمَّنُ كلُّ فصلٍ ثلاثةَ مباحث، فتناولنا في المبحث الأول من الفصلِ الأوَّل فكرةَ “التاريخ من أسفل” حيث الطبقات المهمَّشة وهي من الموضوعات الَّتي نبَّهت لدراساتها مدرسةُ “التاريخ الجديد” الفرنسية، فيما سعى المبحث الثاني إلى تتبُّعِ “التاريخ من فوق” حيث السلطة ورجالاتها الرسميين، أمَّا المبحث الأخير فكانت الفكرة تذهبُ باتجاه قراءة التاريخ المُختلط أي مَن يحرِّك الطبقة المهيمنة في الدولة من خلف الستار.
وكان الفصل الثاني حول الموضوعات الَّتي مسَّتْ قضايا التاريخ والأمَّة، وغيَّرتْ ما غيَّرته من مسارٍ سياسي أو اجتماعي أو ثقافي، فهو فصل في بعض مقتربات التاريخ الحمراء، فكان المبحث الأوَّل عن فكرة الجسد من وجهة نظر “فوكو” الَّذي يرى فيه صفحةً ينقشُ التاريخُ أحداثَه عليها. وكان المبحث الثاني حول استيهاماتُ القوى الكولونياليَّة بدوائرها المعرفيَّة أو العسكريَّة وما خاضته في سبيل إخضاع الشرق لنفوذها، فضلاً عن تلك الصورة الاستيهامية المُضللَة الَّتي وُضِعَتْ لمجتمعات الشرق بخلاف ما هو عليه من واقع سيكون بمثابة الصدمة لتلك القوى. أمَّا آخر مباحث الفصل فكان وقوفاً على التباين بين ما جاء فيه المؤرِّخ وما طرحه الروائي، بين ما أظهره طهرانياً هذا المؤرِّخ وبين ما وضعه الروائي بؤرةً للفساد، ففعَّل الروائي قيمَ العبث والتخريب بالموضوعات بعد أن نزع عن مدوّنات المؤرخين صفة القداسة.
فيما كانت الدراسة الفنيَّة من حصَّة الفصل الأخير، فأردنا تقديمَ جوانبَ تقنية غير مُعتادةِ الطرحِ في الدراسات الأكاديمية، وهذا الفصل كان استثماراً لثراء النصوص الروائية المدروسة، فجاء المبحثُ الأوَّل في فكرة الحجاج بوصفه تقنيةً للخطاب الأدبي حسب خطاطة الفيلسوف البلجيكي “شاييم بيرلمان”، وجاء المبحث الثاني حول المكان لكن بنوع دراسة مُختلف، يعتمدُ على رؤى “ميشيل فوكو” الَّتي صاغها في كتابه (المراقبة والمعاقبة) حول فرض السلطة وجودها في المجتمع المحكوم من خلال مجموعة من أمكنة الضبط، في حين رصدنا في المبحث الثالث من هذا الفصل تعاملَ الروائي مع الذاكرة بوصفها تقنيةً استعاديَّةً لما تمَّ خزنه في ذاكرة التاريخ.

 

 

التعليقات معطلة.