ناقشت رسالة الماجستير في كلية التربية جامعة القادسية والموسومة ( العلماء الشيعة في حلب وآثارهم الفكرية حتى (656ه/1258م) في كتاب الذريعة إلى تصانيف الشيعة لآغا بزرك الطهرانيّ (ت1389ه/1970م)) للطالبة ندى محمد حسن بأشراف الاستاذ المساعد كاظم جواد كاظم المنذريّ .
هدفت الدراسة الى تسليط الضوء على نشاطات العلماء الشيعة في حلب، ومعرفة آثارهم الفكرية حتى عام (656ه/ 1258م) ، وانعكاس ذلك على مجمل الحياة في حلب، مع الالتفات إلى إنّ النشاط الفكري لهؤلاء العلماء لم يقتصر على مدينة حلب وإنّما تعداه إلى مدن آخرى، إذ رحل بعض العلماء الشيعة إلى المدن الشامية كدمشق، وحماه وحماه وغيرها، وقد حاولنا متابعة هذه النشاطات حتى عام (656ه/ 1258م)، لضخامة التراث الشيعي الذي احصاه الشيخ آغا بزرك الطهرانيّ في كتاب الذريعة إلى تصانيف الشيعة بمختلف اصنافه، وتعدد الحقول التي كتب بها الشيعة من أدب، ولغة، وفقه، وتفسير، فضلًا عن إن الفترة الزمنية التي تم تناولها في البحث كانت فيها حلب خاضعة للتيار الإموي ومتأثرة بسياسته، وما آلت إليه الظروف بعدها في عهد الخلافة العباسية، وخضوعها إلى تيارات سياسية متعددة عانى الشيعة خلالها من القمع السياسي ما خلا الدويلات الشيعية وهي (الدولة
الحمدانية، والمرداسية، والعقيلية).
أناختيار مدينة حلب بالذات تقف وراءه اسباب عديدة، وذلك لأن هذه المدينة تنازعتها مذاهب دينية متعددة، وتوالت عليها دول مختلفة الاتجاهات السياسية والفكرية، مما يعني ان المدينة نشطت فيها تيارات مختلفة، وأردنا بهذه الدراسة اثبات الحضور الفكري للتيار الشيعي في هذه المدينة التي كانت معقل للإمويين، وبنظرة تأريخية سريعة نلحظ ان هذه المدينة ورغم توالي دول شيعية على حكمها إلا انها بقيت بشكل عام وامتداد زمني ذات اتجاهات مذهبية متعددة.
توصلت الرسالة الى عدد من النتائج منها:
1- يعد الشيخ آغا بزرك الطهرانيّ (ت1389ه/1970م) عموداً من أعمدة التصنيف والفهرسة؛ إذ اوقف حياته خدمة للعلم وطلبته، واحياء التراث الاسلامي من خلال آثاره ومصنفاته التي تدل على علم جمّ قل نظيرة، فتنوعت آثاره في شتى العلوم الدينية، والفقهية ، والتراجم ، والفهارس، والانساب مما يدل على انه صاحب علم ومعرفة في عدة اختصاصات.
2- تحمل الطهرانيّ الجهد والعناء والتعب الذين رافقوه خلال مسيرته لجمع مصنفات علماء الشيعة، واحياء وحفظ تراثهم من جميع انحاء الدولة الإسلامية، من خلال البحث والتقصي في المكتبات العربية، والعالمية، وفهارس الكتب، والمخطوطات، وتحديد ماهو مخطوط منها أو مطبوع، أو مفقود، والتي ورد ذكرها في الكتب.
3- يعد كتاب الذريعة إلى تصانيف الشيعة أضخم موسوعة لفهارس عناوين مؤلفات علماء الشيعة تصدى فيها الشيخ آغا بزرك لتهم الحاقدين، والحاسدين، والمغرضين، من ان الشيعة ليس لهم شيء من المؤلفات فذكر في كتابه هذا ما للشيعة من مؤلفات في مختلف العلوم، ومخطوطات ومطبوعات، موجودة أو مفقودة معرفاً بها بنحو مختصر، ومرشداً إلى اماكن وجودها ومواضع ذكرها، ومثبتاً أنّ كثيرًا من اصول العلوم الإسلامية ما جاءت إلّا على ايدي علماء الشيعة، ليرشد الباحثين والمحققين إلى مصادر تلك المعارف والعلوم كاشفاً الستار عن كتب منسية وصحائف مطوية ليحيي بذلك تراث الاسلام والمسلمين غضاً جديداً.
4-شهدت حلب ازدهاراً فكرياً خلال العصر العباسي فجذبت العلماء من مختلف بقاع الدولة الاسلامية، ومثال ذلك الدولة الحمدانية، فقد ضاهى بلاطها بلاط الدولة العباسية آنذاك.
5- استوطنت في حلب العديد من الأسر الشيعية، والتي هاجرت اليها خلال القرن الثاني الهجري، والتي كان لها دوراً هاما في حياة المجتمع الحلبي، فتولوا العديد من المناصب السياسية كالقضاء، والنقابة، والامارة، فضلاً عن مكانتهم الفكرية بما انتجوه من مؤلفات أغنت المكتبات الإسلامية لشتى أنواع العلوم والمعرفة .