نُوقشت في قسم العلوم المالية والمصرفية رسالة الماجستير الموسومة ب (التنبؤ بأسعار الأسهم باستخدام الشبكات العصبية الاصطناعية: دراسة لعينة من الشركات المدرجة في سوق العراق للأوراق المالية) للطالب ليث حليم مالك .
تهدف الرسالة إلى دراسة الأسهم بوصفها الركيزة الأساسية في أسواق رأس المال وأهم الأدوات المالية المتداولة فيها، وتتميز أسعار الأسهم بحركة دائمة وتقلبات مستمرة تستجيب بشكل سريع للظروف والأحداث وتتأثر كثيراً بالبيئة المحيطة الأمر الذي يجعل الاستثمار فيها محفوفاً بالمخاطر. إن عملية التداول بالأسهم تتطلب ترشيداً للقرارات الاستثمارية عن طريق تحديد اتجاه السوق والتنبؤ بالقيم المستقبلية للأسعار بما يضمن الحد الأدنى من المخاطر للمستثمرين.
تضمنت الدراسة أساليب التنبؤ بأسعار الأسهم وتراوحت بين البسيطة التي تعتمد على التقديرات الشخصية والأساليب التقليدية كالنماذج الإحصائية والرياضية وصولاً إلى الأساليب التقنية الحديثة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي وأنظمة المحاكاة، ومن ذلك، ظهرت ما تُعرف بالشبكات العصبية الاصطناعية، إحدى تطبيقات التعلم الآلي (أحد فروع الذكاء الاصطناعي)، وهي عبارة عن خوارزميات حاسوبية تحاكي النظام العصبي البيولوجي، يشبه تصميمها الهيكلي إلى حدٍ ما نظام النواقل العصبية في الدماغ البشري، تُستخدم لحل مشكلات متعددة كالتصنيف، والمعالجة، والتحكم، والترجمة فضلاً عن التنبؤ، إذ يمكنها إنجاز المهام عبر أسلوب التعلم الخاضع للإشراف من خلال اكتشاف الأنماط المميزة في البيانات التاريخية وبناء التوقعات على أساسها.
أحتوت الدراسة على أربعة فصول، استهلها الأول بمبحثين، ركز المبحث الأول على منهجية الدراسة، إذ تلخصت مشكلة الدراسة في اختبار إمكانية الشبكات العصبية الاصطناعية في التنبؤ بأسعار الأسهم لعينة من الشركات المدرجة في سوق العراق للأوراق المالية، وعلى أساس ذلك افترضت الدراسة قدرة الشبكات العصبية على التنبؤ بأسعار الأسهم للعينة المدروسة، وتضمنت الدراسة جملة من الأهداف أهمها مساعدة المستثمرين في سوق العراق للأوراق المالية في اتخاذ قرارات الاستثمار بالأسهم وتخفيض احتمالية حدوث الخسائر فضلاً عن تحسين أداء سوق العراق للأوراق المالية من خلال الاعتماد على التقنيات الحديثة. لقد تمثل مجتمع الدراسة بالقطاعين المصرفي والصناعي في سوق العراق للأوراق المالية فيما اقتصرت العينة على ثمانِ شركات توزعت بين أربعة مصارف وأربع شركات صناعية للمدة من (2/1/2020) إلى (31/3/2022) بواقع يومي. واعتمدت الدراسة شبكة الذاكرة الطويلة كنموذج مطور من الشبكات العصبية الاصطناعية في تحليل واختبار الفرضيات، فيما قدم المبحث الثاني عرضاً لبعض الدراسات السابقة، إذ تميزت الدراسة الحالية بأنها الأولى على مستوى العراق في استخدام نموذج شبكة الذاكرة الطويلة في سوق العراق للأوراق المالية.
لقد تضمن الفصل الثاني الإطار النظري للدراسة مشتملاً على ثلاثة مباحث، ركز الأول على مفهوم الأسهم موضحاً أنواعها وأهم العوامل المؤثرة في أسعارها وآليات تسعير الأسهم وبعض المؤشرات المستخدمة في أسواق رأس المال فضلاً عن المخاطر المتعلقة بتداول الأسهم. فيما ركز الثاني على مفهوم الشبكات العصبية الاصطناعية موضحاً أنواعها ومكوناتها وآليتها في التعلم والمعالجة لا سيما ما يتعلق بشبكة الذاكرة الطويلة المستخدمة في الدراسة، إذ تم التركيز على عمليات التدريب وأهم الخوارزميات المستخدمة في ذلك. لينتهي الفصل الثاني بالمبحث الثالث الذي تناول العلاقة بين الشبكات العصبية الاصطناعية والأسهم وكيفية استخدامها في التنبؤ بأسعار الأسهم وفقاً للمعايير المعتمدة في مجال الشبكات العصبية الاصطناعية.
وتضمن الفصل الثالث اختبار وتحليل فرضيات الدراسة مشتملاً على مبحثين، تناول الأول وصف وتحليل بيانات الدراسة باستخدام بعض أساليب الإحصاء الوصفي، فيما تناول الثاني اختبار الفرضيات متضمناً الأسلوب المقترح للدراسة وآلية تنفيذه، إذ توصلت الدراسة إلى قبول الفرضيات وبينت إمكانية التنبؤ بأسعار الأسهم للعينة المدروسة.
توصلت الدراسة إلى مجموعة من الاستنتاجات والتوصيات، إذ استنتجت الدراسة قدرة عالية لشبكة الذاكرة الطويلة في نمذجة السلاسل الزمنية لأسعار الأسهم والتنبؤ بالأسعار المستقبلية دون اشتراطات مسبقة كما في الأساليب الإحصائية التقليدية مما يوفر ذلك الوقت والجهد والكلفة في التنبؤ ويخفض احتمالية حدوث الخسائر، على أساس ذلك أوصت الدراسة بتكثيف الجهود البحثية في مجال التعلم الآلي عموماً والشبكات العصبية الاصطناعية خصوصاً والاستفادة منها بما يخدم القطاعات المالية والاقتصادية لاسيما أسواق رأس المال.